Bienvenue sur Forum Algérie, la communauté du site algerie-dz.com, votre fenêtre sur l'Algérie et le monde!
Pour avoir un accès total au forum algerie-dz.com, vous devez vous inscrire pour un compte gratuit. En tant que membre du forum, vous pourrez participer aux discussions, communiquer avec les autres membres et rejoindre le Club des Membres.
Si vous rencontrez des difficultés à vous inscrire ou à vous identifier sur Forum Algérie, n'hésitez pas à contacter l'équipe du support algerie-dz.com.
Je voulais dire, qu'aujourd'hui il nous faut un leader comme 'Omar ibnu el khateb, notre farouq radia Allahu 'anhu wa ardah. Il n'avait pas peur des blâmes, il aimait les membres de sa Oumma. Un chevalier digne et valeureux.
Son système de gouvernance est parmi les plus justes et un des meilleurs. A son époque il y avait l'équivalent des retraites, des allocations familiales, il ne prenait pas la jazya si les gens étaient trop pauvre, il respectait la religion des juifs et autres qui vivaient sur sa terre, il craignait Allah Taala et avait un oeil attentif sur son peuple, il vivait pauvrement sans faste..
Son système de gouvernance est parmi les plus justes et un des meilleurs. A son époque il y avait l'équivalent des retraites, des allocations familiales, il ne prenait pas la jazya si les gens étaient trop pauvre, il respectait la religion des juifs et autres qui vivaient sur sa terre, il craignait Allah Taala et avait un oeil attentif sur son peuple, il vivait pauvrement sans faste..
Salam,
Tout a fait..
Un Grand Leader Musulman Radia Allah 3anhu wa ardah
رسائل عمر بن الخطاب في تدبير الجيش - د. إحسان هندي
من المعلوم أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كان من أعدل الخلفاء وأجرأهم في نصرة الحق وإغاثة المظلوم، ولكن الشيء غير المعلوم عنه، أو الذي لا يعلمه إلا ندرة من الباحثين، هو موهبته العسكرية، بل الستراتيجية إذا صح التعبير، لأنه كان يسيِّر جيوشه لتحقيق أهداف معينة ضمن خطة استراتيجية محددة.
وإذا كانت الدولة العربية في زمنه تضاعفت مساحتها عما كانت في زمن سلفه أبي بكر، وإذا كانت المعارك التي خاضها العرب في عهده أغلبها- إذا لم نقل جميعها- معارك ظافرة، فإن السبب في ذلك لا يرجع إلى عبقرية قادة جيوشه فقط، وإنما إلى خططه الرائعة ووصاياه الحكيمة والشاملة أيضاً التي تنم عن ذهنية موسوعية ووقادة.
فإلى جانب وصيته في (القضاء) التي مازالت مبادؤها صالحة للتطبيق حتى اليوم في مجال أصول المحاكمات والإثبات والبيّنات، هناك وصايا مشهورة له في مجال تدبير الجيش، ويأتي على رأس هذه الوصايا ثلاث:
1-وصيته إلى سعد بن أبي وقاص عندما وجهه لفتح العراقين في أصول التعبئة والمسير باتجاه العدو.
2-وصيته إلى أبي عبيدة بن الجراح في قوانين الحرب الواجب التقيد بها في مجال التعامل مع العدو.
3-وصيته إلى قادة الفتوح عند تسليمهم الأعلام بخصوص أخلاقيات الجند.
وها نحن نثبت نصوص هذه الوصايا الثلاث مع شرح ما غمض منها.
أولاً- وصية عمر إلى سعد بن أبي وقاص في التعبئة:
يقول عمر بن الخطاب في رسالته إلى سعد بن أبي وقاص لما وجهه إلى فتح العراقين سنة 13هـ:
"وترفق بالمسلمين في مسيرهم، ولا تجشمهم مسيراً يُتعبهم، ولا تُقصر بهم عن منزل يرفق بهم، حتى يبلغوا عدوهم والسفر لم يُنقص من قوتهم، فإنهم سائرون إلى عدو مقيم حامي الأنفس والكراع(1)، وأقم بمن معك في كل جمعة يوماً وليلة حتى تكون لهم راحة يُحيون فيها أنفسهم ويرُّمون* أسلحتهم وأمتعتهم(2)، ونحِّ منازلهم عن قرى أهل الصلح والذمة فلا يدخلها من أصحابك إلا من تثق بدينه، ولا يَرْز** أحداً من أهلها شيئاً فإن لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها فما صبروا لكم فتولوهم خيراً(3)، ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح(4).
وإذا وطئت أرض العدو فأذك*** العيون بينك وبينهم، ولا يخف عليك أمرهم(5). وليكن عندك من العرب أومن أهل الأرض من تطمئن إلى نُصحه وصدقه، فإن الكذوب لا ينفعك خبره وإن صدقك في بعضه، والفاش عين عليك وليس عيناً لك(6). وليكن منك عند دنوك من أرض العدو أن تكثر الطلائع وتبث السرايا بينك وبينهم فتقطع السرايا أمدادهم ومرافقهم، وتتبع الطلائع عوراتهم(7) وتنق للطلائع أهل الرأي والبأس من أصحابك، وتخير لهم سوابق الخيل فإن لقوا عدواً كان أول ما تلقاهم القوة من رأيك(8) واجعل أمر السرايا إلى أهل الجهاد والصبر على الجلاد، لا تخص بها أحداً بهوى فيضيِّع من رأيك وأمرك أكثر مما حابيت به أهل خاصتك(9). ولا تبعثن طليعة ولا سرية في وجه تتخوف فيه غَلَبَة أو ضيعة أو نكاية(10). فإذا عانيت العدو فاضمم إليك أقاصيك وطلائعك وسراياك واجمع إليك مكيدتك وقوتك(11)، ثم لا تعاجلهم المناجزة ما لم يستكرهك قتال حتى تُبصر عورةعدوك وتقاتله(12) وتعرف الأرض كلها كمعرفة أهلها فتصنع بعدوك كصُنعه بك(13)، ثم أذْكِ أحراسك على عسكرك وتيقظ من البيات جُهدك(14)، والله ولي أمرك ومن معك وولي النصر لكم على عدوكم وهو المستعان"(15).
حواشي الوصية الأولى:
1-يطلب عمر من سعد في بداية الوصية أن يترفق بالمسلمين في السير، وذلك خيفة على جند المسلمين وعلى روحهم المعنوية حيث إن المسافة بين الحجاز والعراق طويلة (نحو 1500كم) والغاية من هذا هي وصول المسلمين إلى عدوهم وهم على أحسن حال من النشاط وموفور القوة، لأن السفر الطويل دون راحة يجعلهم أقل قدرة على القتال من العدو المقيم في أرضه والذي غالباً ما يكون قوياً بجنده وعتاده "حامي النفس والكراع".
2-ثم يوصي عمر سعداً بأن يعسكر بجنده مدة يوم وليلة والمقصود هنا نهار وليلة أي 24 ساعة) في كل أسبوع، وذلك لكي يعتني الجند بنظامهم وصيانة أسلحتهم، وهذا نظر صائب فيما نعتقد، ولاسيما إذا أخذنا في الحسبان المشقة التي كان يسببها السفر في تلك الأيام وتلك الظروف. وبالطبع ليس هناك ما يمنع من اختصار مدة الراحة هذه إذا دعت لذلك أسباب مهمة، كما حصل لخالد بن الوليد عندما انطلق بجنده من العراق إلى الشام، فقطع المسافة بمدة أسبوع دون أي توقف.
3-ويوصي عمر قائده بأن يُبعد أماكن عسكرة جنده عن قرى أهل الصلح (وهم من ارتبطوا بعهد صلح مع المسلمين يسمح بنشر الدعوة الإسلامية في بلادهم مقابل حماية المسلمين لهم وعدم المساس بحريتهم في عقيدتهم وتأدية مراسم عباداتهم). والغاية من ذلك تجنب اعتداء أحد أفراد جند المسلمين على واحد من أهالي دار الصلح في شخصه أو ماله أو عرضه. وإذا اضطر قائد الجيش الإسلامي لإرسال بعض جنده إلى بلدة من بلاد أهل الصلح فيجب أن يختار لذلك من يثق الثقة التامة في دينه، لأن عقد الصلح ينشئ حقوقاً وواجبات متبادلة، وفي هذا يقول عمر: "فإن لهم حرمة وذمة ابتليتم بالوفاء بها كما ابتلوا بالصبر عليها، فما صبروا لكم فتولوهم خيراً".
وهذه العبارة في وصية عمر مشتقة من الآية الكريمة: "إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً، ولم يظاهروا عليكم أحداً، فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين" (سورة التوبة- الآية رقم 5).
4-وأما عبارة "ولا تستنصروا على أهل الحرب بظلم أهل الصلح" فتحوي مبدأ يشكل واحداً من أهم مبادئ القانون الدولي في هذا العصر، إذ إنه لا يجوز لقائد الجيش الإسلامي أن يضحي بأرواح سكان دار الصلح أو بأموالهم أو حتى بحقوقهم المعنوية في سبيل التمكن من الانتصار على سكان دار الحرب (دار الحرب هي الأقطار المتاخمة لدار الإسلام التي لم يرض أهلها الدخول في الإسلام ولا عقد صلح مع المسلمين، فإذا عقدوا مثل هذا الصلح أصبحوا دار صلح، وإذا لم يرضوا ذلك بقوا دار حرب، وإذا فتحت دار الإسلام أراضيهم عنوة يصبحون جزءاً من دار الإسلام).
وهذا المطلب الأخلاقي يستند بلا ريب إلى الأحكام الأساسية في الإسلام ولاسيما إلى الآية الكريمة: "وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولاً" (سورة الإسراء- الآية رقم 34).
5-ثم يوصي عمر قائد جيشه بأن يعمل بمجرد دخوله أرض العدو إلى بث عناصر الاستخبارات (إذكاء العيون) وذلك لئلا يخفى عليه من أمر عدوه شيء. وينصح عمر في هذا المجال بالاستعانة بمدير استخبارات من المسلمين أو حتى من أبناء المنطقة المفتوحة "أهل الأرض" بشرط أن يكون من الموثوقين.
6-ولكي يكون عنصر الاستخبارات موثوقاً ينبغي أن يكون صادقاً، فهو إذا كان كاذباً أو غاشاً فإن ضرره لابد أكثر من نفعه لأنه قد يكون عندئذ عيناً للعدو أكثر من أن يكون عيناً للصديق، أو كما يقول عمر نفسه: "الغاش عين عليك وليس عيناً لك"، وبهذا يكون عمر قد فطن منذ ذلك الوقت إلى احتمال وجود عملاء الاستخبارات المزدوجين double- agents ممن يعملون لنا وللعدو في الوقت نفسه.
7-ثم يوصي عمر سعداً بالإكثار من الحذر عند الدنو من جيش العدو، وذلك بالإكثار من الطلائع والسرايا وهي الوحدات المتقدمة من الجيش. ومهمة (الطلائع) تختلف جزئياً عن مهمة (السرايا) وذلك أن المهمة الرئيسية للطلائع هي الاستطلاع لمعرفة الثغرات الموجودة في جيش العدو "وتتبع الطلائع عوراتهم".
وأما السرايا فمهمتها الرئيسية هي الاشتباك مع العدو، ولاسيما القضاء على "إمداداته ومرافقه" قبل وصولها إليه.
8-وبما أن لوحدات الطلائع مهمات خاصة لذا يجب انتقاء "أهل الرأي والبأس" لها، وهذا يعني اختيار جندها من الأقوياء الشجعان ذوي التدبير والحيلة، حتى إذا اصطدم بهم العدو كانت هذه العناصر الجيدة، المتمرسة هي أول ما يصطدم به من القوات الصديقة، وهذا نظر صائب وسليم، وحكمة لا تزال حتى اليوم واجبة التنفيذ.
9-ويجب انتقاء عناصر السرايا بالعناية نفسها، حيث أن هؤلاء يلزم أن يكونوا من أهل الجهاد والصبر على الجلاد"، كما يجب أن تُسند قيادتهم إلى أحد الشجعان الميامين. وعلى أمير الجيش أن يتحاشى محاباة أحد أقاربه أو رجال خاصته فيعينه لهذه المهمة إذا لم يكن أهلاً لها، وذلك لأن الضرر الذي سيسببه هذا التعيين يفوق بكثير المنفعة التي يمكن أن تحققها المحاباة والمصلحة الخاصة اللتان دفعتاه لهذا التعيين.
10-وإذا كان أفراد وحدات الطلائع والسرايا من المتمرسين في شؤون الجهاد والجلاد، فهذا لا يعني أن بوسع الأمير أن يلقي بهم إلى التهلكة، بل عليه أن يتجنب إرسال طليعة أو سرية في مهمة تتعرض فيها إلى الهزيمة أو الضياع كما يقول عمر في وصيته:
"ولا تبعثن طليعة ولا سرية في وجه تتخوف فيه غلبة أو ضيعة أو نكاية".
11-وعند حدوث التَمَاس مع العدو ينصح الخليفة عمر أمير جيشه بأن يعمل على تجميع قواته وتقليل جبهة انتشارها، وذلك لئلا يستفرد العدو بسرية منعزلة في المقدمة أو المجنبة فيقضى عليها بسهولة، وكذلك للتمكن من حشد كامل القوى الصديقة وزجها في المكان المناسب من جهة أخرى.
12-وينصح عمر سعداً بألا يبدأ هو مُناجزة العدو- أي مقاتلته- وبأن يترك للعدو مهمة البدء بالخطوة الأولى. والغاية من ذلك ترك المبادهة للعدو –كما قد يتبادر إلى الذهن- وإنما لكي يبصر الأمير "عورة عدوه ومقاتله" –أي نقاط ضعفه- فيوجه قوته الضاربة باتجاهها.
ويبقى للأمير مع ذلك حق البدء بمناجزة العدو "إذا استكرهه قتال"، أي إذا دعت لذلك ضرورة قتالية معينة، كأن يستغل فرصة سانحة لمفاجأة العدو وأخذه على حين غرة، وقديماً قيل "الهجوم خير وسائل الدفاع".
13-ومن الطبيعي أن الهجوم على العدو يجب ألا يتم إلا حسب خطة حربية معينة، وهذه الخطة يتم وضعها دوماً بمراعاة عدة عناصر أهمها عدد العدو وتسليحه، وعدد الصديق وتسليحه، والهدف من المعركة، والوقت الذي تتم به، وطبيعة الأرض. وقد ركز عمر في وصيته على هذا العامل الأخير فنصح سعداً بأن "يعرف الأرض كلها كمعرفة أهلها"، وذلك لكي تأتي خطته الحربية متلائمة مع المعطيات التي تكفل نجاحها.
14-وأخيراً ينصح عمر قائده أن يأخذ حذره من المفاجآت الليلية: "ويتيقّظ من البيات جهدك"، ويكون ذلك بأخذ الحيطة والإكثار من العسس (الحرس الليلي) وبث الكمائن حول معسكر المسلمين.
15-وينهي الخليفة عمر وصيته بالدعاء لسعد بن أبي وقاص بأن يكون الله وليه- أي نصيره- وولي جنده الذين معه، وبأن يقودهم إلى النصر على العدو وعند لقائهم به، وقد تمَّ هذا النصر بالفعل في معركة القادسية عام 14 للهجرة.
The Sea is Woman, the Sea is Wonder, her other name is Fate!
وفي هذا المجال نجد عمر بن الخطاب يوصي قائده أبا عبيدة بن الجراح لما وجّهه إلى فتح بلاد الشام بما يلي:
"بسم الله وعلى عون الله(1)، وامضوا بتأييد الله بالنصر وبلزوم الحق والصبر(2)، فقاتلوا في سبيل الله من كفر بالله(3)، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين(4). لا تجبنوا عند اللقاء(5)، ولا تمثلوا عند القدرة(6)، ولا تسرفوا عند الظهور(7)، ولا تقتلوا هرماً ولا امرأة ولا وليداً(8)، وتوقوا قتلهم إذا التقى الزحفان وعند حُمّة النهضات(9)، وفي شن الغارات(10)، ولا تَغُلّوا عند الغنائم(11)، ونزّهوا الجهاد عن غرض الدنيا(12)، وأبشروا بالرباح في البيع الذي بايعتم به(13)، وذلك هو الفوز العظيم"(14).
-هذا ومن الجدير بالذكر أن عُمراً فاه بوصيته تكاد تماثل هذه في الأحكام والألفاظ أمام الجيش المتوجه إلى العراق حين قال:
"بسم الله وبعونه(1)، انطلقوا في رعاية الله فإنه لا نصر إلا منه ومن التمسك بالحق والصبر(2)، قاتلوا في سبيل الله أعداء الله(3)، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين(4). لا تجبنوا(5)، ولا تمثلوا(6)، وإذا لقيتم النصر فلا تتعدوا الحدود(7) ولا تقتلوا شيخاً ولا امرأة ولا صبياً(8).
حواشي الوصية الثانية:
1-يبدأ عمر وصيته لقائده الأمير على جيش الفتح بأن تكون عمليات الجهاد "بسم الله وعلى عون الله" لأن هذه النية بالذات هي التي تميز "الجهاد الإسلامي" عن الحروب الأخرى، لأن الحروب العادية قد تستهدف العدوان أو التوسع أو الانتقام أو كسب الشهرة، في الوقت الذي لا يُسمى فيه الجهاد "جهاداً" إلا إذا كان في سبيل الله وباسمه.
2-فعندما يكون الجهاد في سبيل الله ونصرة كلمته، يكون النصر محتِّماً، ولكن بشرط لزوم الحق والصبر. وأهمية الصبر هنا تنبع من أن القتال كريهة، والكريهة تحتاج إلى صبر وجلد حتى يتم النصر (ليس من قبيل المصادفة أن تكون كلمات الجلَد والجلاد والتجلّد والمُجالدة من اشتقاق واحد في اللغة العربية).
3-
ولما كان القتال في سبيل الله فيجب أن يكون ضد من كفر
بالله حصراً، ولهذا لا يجوز قتال المسلم للمسلم إلا استثناء، كحالة قمع العصيان وتأديب قاطعي الطريق، والقضاء على أعمال الرِدّة والفتنة.
4-ويوصي عمر قادة جنده بعدم الاعتداء، لأن الله تعالى لا يحب المعتدين (هناك عدة آيات في القرآن الكريم تمنع العدوان وتأمر بدفعه وتنص على معاقبة المعتدين). وإذا طبقنا هذه القاعدة على الحروب المعاصرة نستنتج منها ما يلي:
إنَّ القرآن يأمر بالدفاع عن النفس: "وقاتلوا الذين يقاتلونكم"، ولكنه يربط ذلك بمنع الاعتداء: "ولا تعتدوا إنَّ الله لا يحب المعتدين"، ومن هنا يمكن الاستنتاج بأن الإسلام يحث على القيام بالحرب الدفاعية وبالحرب الوقائية (وهي الحرب التي نهاجم فيها العدو في عقر داره لكي نُفشل هجومه قبل القيام به) ولكنه لا يجيز الحرب الهجومية إلا إذا كان في ذلك مصلحة للدعوة الإسلامية ككل.
وأما بالنسبة للحروب العدوانية les guerres agressives وهي التي يكون هدفها الوحيد هو التقتيل والتخريب، أو التوسع وتحقيق المجد الشخصي، أو السلب والنهب، فقد منعها الإسلام بنصوص صحيحة في القرآن والسنة النبوية، قبل أن تمنعها أحكام القانون الدولي المعاصر عبر القرار الصادر عن الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة بخصوص تعريف العدوان في عام 1974.
5-ويوصي عمر بعد ذلك بإظهار الشجاعة عند لقاء العدو: "ولا تجبنوا عند اللقاء" لأن الشجاعة هي الطريق إلى النصر، وهي أمر معروف لدى العرب منذ الجاهلية، وبعد الإسلام.
6-والمُثلة –أي التمثيل بالجرحى والقتلى- أمر يأباه الإسلام والأخلاق العربية، ولذا نجد أن الرسول ( قد نهى عنه بقوله: "إياكم والمُثلة ولو بكلب عقور" وهذا ما يؤكد عليه عمر في وصيته، خيفة من أن تدفع شهوة الانتقام بعض المسلمين للتمثيل بالجرحى والموتى من أفراد العدو.
وهكذا يمكن القول، بل التأكيد، أن الإسلام منع التمثيل بالقتلى والجرحى (mutilation) وعدَّه جريمة، قبل أن تمنعه اتفاقيات جنيف ولاهاي باثني عشر قرناً على الأقل.
7-ويوصي عمر المسلمين "بألا يسرفوا عند الظهور"، ومعنى هذا ألا يتعدوا حدود التواضع بعد تحقيق النصر، لأن هذا النصر من عند الله من جهة، ولأنه ليس من المصلحة إيغال صدور جند العدو بالتكبر والتعالي والزهو عليهم عند النصر، من جهة ثانية.
8-إن الحرب بين دولتين ليست الغاية منها أن تبيد إحداهما الأخرى إبادة كاملة، وإنما الغاية منها قهرها عسكرياً فحسب، لذا فإن مبادئ وقواعد القانون الدولي الإنساني المعاصر تميز بين (المحاربين les belligerants وهم جند العدو وقواته العسكرية وشبه العسكرية و (غير المحاربين)... وهم أفراد العدو غير المحاربين من كهول ونساء وأطفال.
وقد ميزت شريعة الحرب الإسلامية بين المحاربين وغير المحاربين، ودعت إلى التمسك بالروح الإنسانية، حتى تجاه العدو.
ومن أقوال الرسول ( في ذلك: "أنا نبي المرحمة وأنا نبي الملحمة" وهذا القول يلخص أفضل تلخيص بنية (القانون الدولي الإنساني) الذي يقوم على التوفيق بين الضرورات الحربية (الملحمة) والروح الإنسانية (المرحمة). وبما أن عنصر غير المحاربين يتمثل في المدنيين المسالمين، ولاسيما الشيوخ والنساء والأطفال، فقد نهى سيدنا عمر عن قتل هؤلاء صراحة بالقول: "ولا تقتلوا هرماً ولا امرأة ولا وليداً".
9-وإذا كان قتل الشيوخ والنساء والأطفال ممنوعاً صراحة في هذه الوصية، فإن المقصود في ذلك هو "القتل المتعمد" بعد انتهاء المعركة، وأما قتل هؤلاء عن غير قصد أثناء العمليات الحربية فهو أمر لا يمكن الحيلولة دونه، حيث إن القذائف التي يرميها المسلمون على جيش العدو ومعسكراته وأهدافه العسكرية لا يمكن التحكم فيها بشكل تصيب به المحاربين دون غيرهم، ولهذا اكتفى عمر بالقول: "واتقوا قتلهم إذا التقى الزحفان وعند حمة النهضات" أي عند لقاء العدو واشتداد حدة القتال.
10-والتوقي من قتل الشيوخ والنساء والأطفال يجب أن يتوخاه المسلمون ليس فقط "إذا التقى الزحفان"، ولكن إذا قام المسلمون بتنفيذ إغارات على معسكرات العدو وتجمعاته أو كما يقول عمر "وفي شن الغارات"، ويبقى "التوقي" هنا أخف من "النهي والمنع" الذي تحدثنا عنه في الفقرة(8).
11-يوصي عمر جنده بعد ذلك "بألا يغلوا عند الغنائم"، ومعنى ذلك عدم ارتكاب جريمة "الغلول"، والغلول هو الاحتفاظ بجانب من الغنيمة وعدم تقديمه إلى القسمة الشرعية والتي تكون عادة بمعدل الخمس لبيت المال وأربعة الأخماس الباقية لجملة المحاربين الذين شاركوا في المعركة.
هذا ومن الجدير بالذكر، أن قانون الحرب المعاصر لم يعد يجيز أخذ الغنائم الشخصية، وبقي من الجائز أخذ الغنائم من الجيش المحارب باسم دولته، إذا كانت هذه الغنائم ذات طابع عسكري (عتاد حربي، خرائط، خيول...)، أو يمكن أن تؤثر في المجهود الحربي".
12-ويوصي عمر جنده بعد ذلك "بأن ينزهوا الجهاد عن غرض الدنيا) وذلك لمنع التجاوزات التي يمكن أن تحدث عندما يكون الهدف من الجهاد غرضاً دنيوياً زائلاً. وهكذا إذا كان قانون الحرب الإسلامي يبيح الغنائم فإنه لا يحلل القيام بحرب في سبيل الحصول على هذه الغنائم فحسب، لأن جميع الحروب التي لا يكون الهدف منها رفعة الدين والدفاع عن المقدسات تُعد ذات أغراض دنيوية زائلة، ولهذا لا تكتسب طابع الجهاد ولا تأخذ حكمه.
12-وإذا كان المسلمون يخسرون "فوائد مادية" معينة عندما ينزّهون الجهاد عن الأغراض الدنيوية الزائلة، فإنهم يربحون بالمقابل فائدة دينية كبيرة، هي الربح الحقيقي، وفي هذا يقول عمر: "وابشروا بالرباح في البيع الذي بايعتم به".
14-وأخيراً ينبه عمر رضي الله عنه إلى القيام بفريضة الجهاد المكرس لخدمة الله تعالى ودعوته، والمنزه عن أي هدف من الأهداف الدنيوية فيه الفوز العظيم للإنسان، لأن الآيات القرآنية والسنة النبوية قد اجتمعت على فضل الجهاد في سبيل الله، والثواب الذي يحصل عليه الإنسان عند أداء هذه الفريضة على وجهها الشرعي.
The Sea is Woman, the Sea is Wonder, her other name is Fate!
وهي وصية كان عمر بن الخطاب يحرص على قراءتها على مسامع قادة الجند عند تسليمهم الأعلام، وهي تنص خصوصاً على التمسك بالتقوى وعلى أهمية هذه التقوى في ربح المعركة، ويقول فيها: "أما بعد، فإني آمرك(1) ومن معك بتقوى الله على كل حال فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو(2)، وأقوى المكيدة على الحرب(3). وآمرك ومن معك من الأجناد بأن تكونوا أشد احتراساً من المعاصي منكم من عدوكم فإن ذنوب الجند أخْوف عليهم من عدوهم(4)، وإنما يُنصر المسلمون بمعصية عدوهم لله ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة(5) لأن عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعُدتهم(6)، فإن استوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة(7)، وألا ننتصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا(8). واعلموا أن عليكم في سيركم حفظة من الله يعلمون ما تفعلون فاستحيوا منهم(9)، ولا تعملوا بمعاصي الله وأنتم في سبيل الله(10)، ولا تقولوا إن عدونا شر منا فلن يُسلط علينا، فرُب قوم سُلط شرٌّ منهم كما سلط على بني إسرائيل لما عملوا بمعاصي الله كفار المجوس فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً(11)، واسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم(12)، اسأل الله تعالى ذلك لنا ولكم".
حواشي الوصية الثالثة:
1-يخاطب عمر قائد الجيش بلهجة "الأمر"، وليس بصيغة النصيحة أو الوصية فحسب، فيقول: "إني آمرك ومن معك بتقوى الله". وجاء الأمر بتقوى الله لأن تقوى الله عامة شاملة يمكن أن تتفرع عنها جميع قواعد قانون الحرب وآداب القتال في الإسلام، وهكذا تشمل التقوى فيما تشمل: العدالة، منع الظلم، منع الفساد والاعتداء على الأعراض، معاملة العدو بروح إنسانية... الخ.
2-لمس عمر كبر الحقيقة عندما رأى في تقوى الله أسَّ الأسس التي يجب أن يتمسك بها المسلمون في حربهم، لأنها "أفضل العدة على العدو" وهي أساس التماسك والروح المعنوية في الجيش الإسلامي.
3-ويرفع عمر "التقوى" من حيث أهميتها في القيادة نحو النصر، إلى منزلة المكائد الحربية التي يقوم بها كل جيش في سبيل الإيقاع بالعدو.
4-بل إن عمر يأمر قائد الحملة والأجناد الذين معه بأن يكونوا أشد احتراساً من المعاصي من احتراسهم عند لقاء العدو، لأن قلة الاحتراس عند لقاء العدو يمكن استدراكها لاحقاً، وأما المعاصي فهي وباء يصعب اقتلاعه إذا استشرى في قلب الجند.
5-ويتابع عمر وصيته فيبين لقائد الحملة وأفرادها أن ارتكاب العدو للمعاصي هو السلاح الأساسي الذي يمكِّن جند المسلمين من الانتصار عليه، وأنه لولا هذا الأمر لكانت الغلبة له...
6-لأن المسلمين لم يكونوا مساوين للعدو في القوة سواءً نظرنا إلى الأمر من زاوية "العدد" أم من زاوية العتاد "العُدة".
7-وعلى هذا فإن النصر لن يكون حليفاً لجيش المسلمين إذا تساوى مع جيوش الكفار في معصية الله.
8-وإذا كانت القوة الإسلامية ليست كافية للوقوف في وجه القوة المعادية، فإن تمسك المسلمين بالفضيلة هو السلاح الذي سيمكنهم من النصر عليهم.
9-يجب ألا يخامر المسلمين المقاتلين أي شك في وجود "رقابة عليا" عليهم وعلى تصرفاتهم، فهناك "حفظة من الله يعلمون كل ما يفعلونه ويقومون به"، ولهذا يجب أن يخجل هؤلاء المقاتلون من القيام بأي عمل لا يأتلف مع التقوى الإسلامية والأخلاق الإسلامية.
10-ويستخدم عمر هنا سلاح المنطق فيقول: لا يُعقل في جند يحارب في سبيل الله أن يرتكب معصية تغضب الله لأن في هذا قضاء كاملاً على الثواب الذي يحلم به.
11-ولا يعفى المسلمون من التقيد بمبادئ الفضيلة والتقوى في حالة منازلتهم لعدو ظالم يرتكب المعاصي، لأن الله سبحانه وتعالى قد يبلو الظالم بمن هو أشد ظلماً منه، وذلك كما فعل ببني إسرائيل لما ارتكبوا المعاصي فسلط عليهم من هو أظلم منهم وهو نبوخذ نصّر الذي فتك بهم (من المعروف أن الكلدانيين كانوا يعبدون النار ولذلك يشير عمر إليهم باسم المجوس).
12-ويربط عمر رضي الله عنه أخيراً في وصيته بين نوعي الجهاد: الجهاد الأصغر بمنازلة العدو والانتصار عليه والجهاد الأكبر بالتغلب على نزوات النفس وشهواتها فيقول: "اسألوا الله العون على أنفسكم كما تسألونه النصر على عدوكم"، ولا يستثني نفسه من هذا الدعاء حيث يتوجه إلى الله تعالى بقوله: "اسأل الله تعالى ذلك لنا ولكم".
* رمه: أصلحه.
** رزاه ماله: أصاب منه شيئاً.
*** أذكى عليه العيون: أرسل عليه الطلائع.
المصدر: رسائل عمر بن الخطاب في تدبير الجيش - د.إحسان هندي
The Sea is Woman, the Sea is Wonder, her other name is Fate!
Commentaire